مسرحية "خلف الحلق".

عندما يأتي رجلا الأمن إلي منزل خالد، يرحب بهما ويبدي استعدادا كاملا للتعاون. "لقد كنت أنوي الاتصال بكم، فلقدت أردت أن أرى ما إذا كان يمكنني المساعدة".

خالد بطل مسرحية "خلف الحلق" Back of the Throat كاتب أمريكي من أصل عربي، تصور تجربته مع رجلي الأمن معاناة العرب الأمريكيين منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ولكنها لا تقف فقط عند التعاطف مع العرب، بل تتعدى ذلك لتمنحنا وجهة نظر رجلي الأمن أيضا.

فالعلاقة التي تبدأ سلسة بين خالد والمحققين سرعان ما تتوتر عندما يجدا لديه ما يؤكد شكوكهما في ميوله. في البداية يجدان مصحفا، ثم يجدان كتابا للزعيم الشيوعي الصيني ماوتسي تونج، وبعد ذلك مجلة عن الأسلحة النارية ثم بعض المجلات الجنسية.

كل هذه الأشياء الصغيرة لا تعني شيئا بالنسبة لخالد - هي فقط أشياء عشوائية لديه، يمكن أن يوجد مثلها في عشرات المنازل. ولكن بالنسبة للمحققين فهي ترسم صورة معينة تسترعي الانتباه.

تتوتر العلاقة ويلجأ المحققان للعنف الجسدي لانتزاع اعتراف من خالد بعلاقته بشخص معين يبدو أنه "ارتكب عملا إرهابيا". وعندما يحاول خالد التمسك بحقوقه كمواطن أمريكي ويطلب وجود محاميه، ينفجر أحد المحققين - في واحد من أبرع مشاهد المسرحية - مطلقا سيلا من اللعنات على المهاجرين الذين يأتون إلي امريكا ويحاولون استغلال الحريات فيها.

لا يملك الجمهور سوى أن يتعاطف مع خالد الذي يبدو بوضوح أنه ضحية عنصرية المحققين لكونه عربي، وحتى عندما يتضح أن هناك أحداثا سابقة جعلت أجهزة الأمن تشك في صلة خالد بالإرهابي، يبدو للمشاهد أن تلك أدلة واهية تؤكد عنصريتهم.

لكن المسرحية تحاول الابتعاد عن التصوير الساذج للشخصيات وطرحها باللونين الأبيض والأسود فقط. فبراءة خالد ليست كاملة كما يبدو في بداية المسرحية، وشراسة رجلي الأمن أيضا ليست مطلقة.

"أتعلم أكثر ما أكرهه فيكم؟" يقول أحد المحققين وهو يضرب خالد، "إنكم تضطرونا إلي التحول لوحوش لحماية أنفسنا."

المسرحية التي ألفها الكاتب الأمريكي من أصل عربي يوسف الجندي نالت قسطا من الإطراء من النقاد في الولايات المتحدة قبل أن تأتي إلي لندن حيث لقت استحسان النقاد هنا أيضا. الخوف هو القاسم المشترك بين الجميع، خوف خالد من أذى المحققين، وخوفهما من نواياه.

أما الاسم الغريب للعمل فهو إشارة إلي محاولة أحد المحققين نطق حرف الخاء في اسم خالد، فبعد عدة محاولات يدرك المحقق إن الحرف لا وجود له في اللغة الانجليزية، فيعقب قائلا: "آه، إنه ذلك الصوت الذي يأتي من خلف الحلق".